يحكى أن رجلين كانا في الإسكندرية وكان أحدهما صباغا واسمه أبو قير وكان الثاني حلاقا واسمه أبو صير ۏهما جارين في السوق
دكانا أو خانا أو غير ذلك وأبنوا له مصبغة على مراده ومهما أمركم به فافعلوه ولا تخالفوه فيما يقول.
ثم أن الملك أخلى بيتا لأبي قير وأمر بفرشه ففرشوه له وسكن فيه وركب في ثاني يوم وشق في المدينة والمهندسون قدامه ولم يزل يتأمل حتى أعجبه دكان فقال هذا المكان طيب فأخرجوا صاحبه منه وأحضروه إلى الملك فأعطاه الثمن الذي يرضيهوصار أبو قير يقول للبنائين ابنوا كذا وافعلوا كذا حتى بنوا له مصبغة ليس لها نظير في المدينة ثم حضر إلى الملك وأخبره بأن المصبغة تم بناؤها وإنما يحتاج للمال لإدارتها. فقال له الملك خذ أربعة آلاف دينار واجعلها رأس مالك وأرني ثمرة العمل فأخذها ومضى إلى السوق فرأى أن مواد الصباغة من الأحجار والأعشاب ليست لها قيمة فاشترى جميع ما يحتاج إليه بأبخس الأثمانووضع الباقي في جيبه ثم أن الملك أرسل إليه خمسمائة قطعة من القماش فصبغها بسائر الألوان ثم نشرها قدام باب المصبغة فلما مر الناس بجانبها رأوا شيئا عجيبا لم يرأوا مثله فازدحمت الخلائق على باب محله وصاروا يتفرجون ويسألونه ويقولون له يا معلم ما اسم هذه الألوان فيقول لهم هذا أحمر وهذا أصفر وهذا أخضر ويشرح لهم أسماء الألوان.
فصاروا يأتونه بشيء من القماش ويقولون له اصبغ لنا مثل هذا وذاك وخذ ما تطلب. ولما فرغ من صباغ قماش الملك أخذه وطلع به إلى الديوان فلما رأى الملك ذلك فرح به وأنعم عليه إنعاما زائدا وصار جميع العسكر يأتون إليه بالقماش ويقولون له اصبغ لنا هكذا فيصبغ لهم على أغراضهم ويرمون عليه بالذهب والفضة ثم أنه شاع ذكره وسميت مصبغته مصبغة السلطان ودخل عليه الخير من كل باب أما بقية الصباغين فقل دخلهم لم يقدر أحد منهم أن ينافسه فأفلسوا الواحد تلو الآخر ثم جاءوه وعرضوا أنفسهم عليه وقالوا له اجعلنا خدما عندك فلم يرض أن يقبل أحدا منهم وصار عنده عبيد وجواري وجمع مالا كثيرا.
هذا ما كان من أمر أبي قير. وأما ما كان من أمر أبي صير فإنه لما قفل عليه أبو قير باب الحجرة بعد أن أخذ دراهمه وتركه وهو مريضا غائب عن الوجود فصار مرميا في تلك الحجرة والباب مقفول عليه واستمر على ذلك ثلاثة أيام فانتبه بواب الخان إلى باب الحجرة فرآه مغلقا ولم ير أحدا من هذين الإثنين ولم يعلم لهما خبرا فقال في نفسه لعلهما سافرا ولم يدفعا أجرة الحجرة أو ماټا أو ما خبرهما ثم أنه أتى إلى باب الحجرة وقرب أذنيه فسمع أنينا داخلها ولما فتح الباب رأى الحلاق مريضا فقال له لا بأس عليك أين رفيقك فرد عليه والله إني ما أفقت من مرضي إلا في هذا اليوم وصرت أنادي فما أجابني أحد بالله عليك يا أخي أن تنظر الكيس تحت رأسي وتأخذ منه خمسة دراهم تشتري لي بها شيئا أقتات به.
لكن وجده فارغا فقال للحلاق لا يوجد شيئ هنا !!! فعرف أبو صير أن أبا قير سړق ما فيه وهرب فقال له أما رأيت رفيقي أجابه لم أره منذ ثلاثة أيام وظننت أنكما سافرتما دون أن تدفعان ثمن الحجرة. فقال له الحلاق لم نسافر وإنما طمع أبو قير في مالي حين رآني مريضا ثم أنه بكى وانتحب فقال له بواب الخان لا بأس عليك وهو يلقى فعله من الله.
ثم أن البواب طبخ له شوربة وغرف له صحنا وأعطاه إياه ولم يزل يتعهده شهرا وهو يكلفه من ماله حتى شفي من مرضه وقال للرجل إن قدرني الله جازيتك على ما فعلته معي من الخير فأجاب بواب الحمد لله على العافية أنا ما فعلت معك ذلك إلا اپتغاء وجه الله الكريم ثم أن الحلاق خړج من الخان وشق في الأسواق فأتت به المقادير إلى السوق الذي فيه مصبغة أبو قير فرأى الأقمشة الملونة منشورة في باب المصبغة والخلائق مزدحمة يتفرجون عليها فسأل رجلا من أهل المدينة وقال له ما هذا المكان وما لي أرى الناس مزدحمين
…
أجابه الرجل هذه مصبغة السلطان التي أنشأها رجل ڠريب اسمه أبو قير وكلما صبغ
لتكملة القصة اضغط الرقم 6 في السطر التالي 👇👇