يحكى أن رجلين كانا في الإسكندرية وكان أحدهما صباغا واسمه أبو قير وكان الثاني حلاقا واسمه أبو صير ۏهما جارين في السوق
والند فأحس بالاسټرخاء وقال له يا معلم أهذا هو الحمام أجابه نعم يا مولاي !!! فقال له وحياة رأسي إن مدينتي ما صارت مدينة إلا بهذا الحمام ثم سأله كم هي أجرتك رد أبو صير الذي تأمر به آخذه فأعطاه ألف دينار فقال العفو يا ملك الزمان إن الناس ليسوا سواء بل فيهم الغني وفيهم الفقير وإذا أخذت من كل واحد ألف دينار يبطل الحمام فأن الفقير لا يقدر على ألف دينار .
قال الملك وكيف ستدبر أمرك أجاب اجعل الأجرة بالمروءة فكل من يقدر على شيء سمحت به نفسه يعطيه فنأخذ من كل إنسان على قدر حاله فإن الأمر إذا كان كذلك تأتي إلينا الخلائق والذي يكون غنيا يعطي على قدر مقامه والذي يكون فقيرا يعطي على قدر ما تسمح به نفسه وبذلك يدور الحمام ويبقى له شأن عظيم!!! قال الملك لأكابر دولته هذا الرجل ڠريب وإكرامه واجب علينا فإنه عمل في مدينتنا هذا الحمام الذي عمرنا ما رأينا مثله ولا تزينت مدينتنا وصار لها شأن إلا به فإذا أكرمناه بزيادة الأجرة ما هو كثير عليهو كل منكم يعطيه في هذه المرة مائة دينار ومملوكا وجارية وعبد فقالوا نعم نعطيه ذلك وكان عدد الأكابر الذين اغتسلوا مع الملك في هذا اليوم أربعمائة نفس فصار جملة ما أعطوه من الدنانير أربعين ألف دينار ومن المماليك أربعمائة مملوك ومن العبيد أربعمائة عبد من الجواري أربعمائة جارية وأعطاه الملك عشرة آلاف دينار وعشر جوار وعشرة عبيد وأصبح له مال عظيم .
فتقدم أبو صير وقبل الأرض بين أيادي الملك وقال له أيها الملك السعيد ماذا سأفعل بكل هؤلاء المماليك والجواري والعبيد فقال له الملك أنا ما أمرت الأكابر بذلك إلا لأجل أن نجمع لك ما ييسر لك حياتك لأنك ربما فكرت في بلادك وعيالك واشتقت إليهم وأردت السفر إلى وطنك فتكون أخذت من بلادنا خيرا كثيرا تستعين به على أمرك في بلادك. فأجاب يا ملك الزمان أعزك الله إن هذه المماليك والجواري والعبيد الكثيرة من شأن الملوك هل تشتريهم مني كل واحد بمائة دينار فقال پعتك إياهم بهذا الثمن فأرسل الملك إلى الخازندار ليحضر له المال فأحضره وأعطاه ثمن الجميع بالتمام والكمال ثم بعد ذلك أرجعهم إلى أصحابهم وقال كل من يعرف عبده أو جاريته فليأخذه فأنهم هدية مني إليكم فامتثلوا أمر الملك . فقال له أبو صير أراحك الله يا ملك الزمان كما أرحتني من هؤلاء الذين لا يقدر أن يشبعهم إلا الله فضحك الملك من كلامه ثم أخذ أكابر دولته وذهب من الحمام إلى قصره .
بات أبو صير تلك الليلة وهو يجمع الذهب ويضعه في الأكياس ويختم عليه وأبقى عشرة عبيد وأربع جوار لخدمته فلما أصبح الصباح فتح الحمام وأرسل مناد ينادي ويقول كل من دخل الحمام واغتسل فأنه يعطي ما تسمح به حاله وقعد أبو صير عند الصندوق وتدافع عليه الناس وصار كل من طلع يحط الذي يهون عليه فما أمسى المساء حتى امتلأ الصندوق من خيرات الله تعالى. ثم أن الملكة طلبت دخول الحمام فلما بلغ أبا صير ذلك قسم النهار من أجلها وجعل الفجر إلى الظهر للرجال ومن الظهر إلى المغرب للنساء ولما أتت الملكة إستحمت في الماء المعطر بالورد والياسمين ثم كبستها الجواري و أعجبها ذلك وانشرح صډرها ولما جاء وقت الخروج حطت ألف دينار في الصندوق وشاع أمر الحمام في المدينة وصار كل من جاء يكرمه أبو صير سواء غنيا أو فقيرا فدخل عليه الخير من كل باب وتعرف بأعوان الملك وأصبح الملك يأتي إليه يوم الجمعة ويعطيه ألف دينار وبقية الأيام للأكابر والفقراء .
وكان أبو صير يأخذ بخاطر الناس ويلاطفهم غاية الملاطفةفأحبوه واتفق أن قبطان الملك دخل عليه يوما من الأيام فكبسه أبو صير ولاطفه وعمل له الشربات والقهوة ولما أراد أن يعطيه حقه حلف أنه لا يأخذ منه شيئا فشكره القبطان لما رأى من مزيد لطفه وإحسانه وكبر في عينه هذا ما كان من أمر أبي صير…
…
لتكملة القصة اضغط الرقم 8 في السطر التالي👇👇